الحلقة الثانية / طبيب الأسنان

.....
إلا أن هذه الابتسامة التي عايشتها بدأت بالزول ، عندما قام شعاع الشمس بصهر الجليد دون رأفة أو ورحمة ، لا أدري لم العجلة! ليته انتظر قليلاً لأواري نفسي قبل أن تزول تلك الابتسامة .

وبدأ الصراع من جديد مع هذا الصديق ، لقد عاد دون إستئذان ، دون أن يطرق الأبواب لاستقباله لشغفه وحرصه علي ، بل وزاد تعلقه كثيراً لانقطاعة الطويل والبعد الذي جفا بيننا ، وبدأت في حيرة من أمري ما العمل ؟

سرت في الطرقات تائهاً مهرولاً للخروج من هذه المحنة ، أبحث عن ضالتي السابقة ، لعلها تجد الحيلة المناسبة مع هذا الصديق ، فهي من خلصتني منه ، أين أنتِ؟ أجيبيني يا من كنت تلوحين براحتي .

ودارت عجلة الأيام مع رحى الطاحون يوما بعد يوم ، وساعات تمضي أعيت التفكير لطول الانتظار دون جدوى ، نظرت إلى السماء حيث أضواء النجوم تتلألأ ، ما خطبها تزين السماء وترشد التائه في الظلام الحالك دون أن يهدأ لها بال في ضيائها! حسبتها تتسامر كل ليلة مع جاراتها اللواتي أبين إلا أن يرسلن شعاعهن في تسابق ، فكرت في التحدث والسهر معهن ؛ لعلني أنسى ولو للحظات ذاك الصديق ، لكن ، كيف أبدأ بالحديث إنني أجهل كلامهن ، أجهل كل ما يتعلق بهن ، عندها انشغل عقلي بالتفكير في سر هذه النجوم محاولاً الإيحاء بطلب الحديث لعله يشكو لهن ما آلم به متأملا الدواء لهذا الداء .

وما أن أرسلت الشمس شعاعها من جديد لتنسج خيوطها ليطل علينا الصباح بثوبه الجديد ؛ بدأت النجوم تتلاشى شيئاً فشيئاً بالزوال ، واختفت دون أن أحيك لها الطريقة المناسبة للحديث .

سرت من جديد ابحث عن الخلاص ، هذا الخلاص لابد أن يكون ممن ساعدني في السابق ؟ لا أدري لأنني أيقنت أن الحيلة التي إرتكبها بدأت بالزوال تنكشف لي ، وما هي لحظات حتى راودني هاجس يتمتم في أذني ويهمس : نعم الشاطىء قريب من هنا ، تحمَّل الأمواج العاتية والبرودة الشديدة لتصل إلى بر النجاة والأمان ، وما أن وصلت الهدف ؛ ورأيت الباعة المتجولين يجوبون الشاطيء كل ينادي بما يحمل ، إقتربت أكثر فأكثر حتى رايت أناس عجبت لحالهم ، دهشت لسرهم ، هم اناس لا يختلفون عنا في مظهرهم ، إلا أن الدهر أعمى حياتهم السعيدة ، وسلب منها رقتها ونعومتها ، إنهم أطفال يكافحون ويكدون للبقاء ، سُرقت طفولتهم وهو يجوبون الشاطيء بحثا عما يسد رمق عيالهم ، تنازلوا عنها ، نظرت باستغراب أي أطفال يتحملون كل هذا؟! لا ، إنها الإرادة التي يمتلكونها واي إرادة ، تذكرت ما حصل لي من صديقي وكيف عجزت عن مفارقته ، بل لم أستطع نسيانه أو التغلب عليه ، وهو بالنسبة لهؤلاء الأطفال شيء لا يذكر ، واي مقارنة أقارن نفسي بهم ، خجلت كثيرا وعدت أدراج الرياح من حيث أتيت ولازال لدي أمل بانتقاء الوسيلة الممكنة للتغلب عليه .

يتبع...

ما شاء الله

كلمات جميلة

ننتظر الحلقة الثالثة بشغف لنعرف سر طبيب الأسنان

مقالة رائعة

أشكرك أخي الكاتب محمد حبية

ننتظر حلقاتك ورواياتك بكل شغف

قد جعلتني اسافر مبحرا في الاعماق باحثا عن مغزى لهذه الكلمات

واشعرتني انك قد مررت بهذه المواقف بكل صدق,, فيبدو انها جزء

مقتطف من حياتك الشخصية ومن مواقف جميلة لاتفارق ذاكرتك

لكنني احيك على هذه الكلمات الراقيه التي تشد القراء لها

بارك الله فيك وننتظر جديدك بكل شوق

الحلقة الثانية / طبيب الأسنان

الحلقة الثانية / طبيب الأسنان

رد: الحلقة الثانية / طبيب الأسنان

رد: الحلقة الثانية / طبيب الأسنان

رد: الحلقة الثانية / طبيب الأسنان