علي الجفري في ضيافة بيت المقدس؟؟!!

ارسلت بواسطة " محمد حبية "

علي الجفري في ضيافة بيت المقدس؟؟!! بقلم:محمد حبية

يقولون دائما أن لحوم العلماء مرٌ لا ينهشه أحد ولا يتطاول عليهم بشر، لهم مكانة بين جلسائهم وأحبائهم ونظرائهم، لأنهم صفوة الناس في المجتمع لسائر طبقات البشر وأصنافهم، فهيبتهم وهم يطلون علينا تشكل جسرا ودعامة تعبره الأمم وترتكز عليهم، فكيف إذا كان هؤلاء العلماء من الدعاة إلى الله في نشر السماحة ونبذ الرذيلة وتذكيرهم بأيام الله ــ عز وجل ــ والتضرع إليه والخوف منه! لا بد أن يشكلوا ظلا تستظل الأمة بهم، فهم كالشمعة التي تحترق لتضيء هذا الكون للناس، يتعالون عن زلاتهم وأخطائهم خوفا من انحراف من هم قدوة لهم، لكن هنا وفي هذا المقال أود أن أخرج عن صمتي لما آلم به من جرح عميق استعصى على ضميري في كتابته، وأسأل الله العلي القدير أن يوفقني في الوصول في سد الفجوة وتقريب الوجهة التي انتابتها شوائب عكرته لعودة المياه إلى مجاريها، فأخطاء العلماء لا تقاس بأخطاء عامة البشر، فميزانهم يختلف عنا جميعا.
إن الألم لا يخرج ولا يشعر به إلا من خاض التجربة في ذلك، وحقيقة ما حصل بالأمس القريب وضع علامات استفهام كثيرة تنتاب أمام ناظري في فك لغز مبهم لا تفسير له، فمن أين أبدأ يا شيخنا؟ أأبدأ من الفكرة التي حطت على جنباتك وراودتك في زيارة بيت المقدس ومقدمات هذه الزيارة وما سيترتب عليها؟ أم أبدأ من حيث تحقق حلمك في تحقيق غايتك دون مراعاة شعور أهل فلسطين عامة وأهل القدس خاصة؟ أم من الكيفية التي مكنتك في الحصول على تأشيرة إسرائيلية وإن كانت لفظية ترجمة على أرض الواقع؟ أم من الظهور الإعلامي بين عناصر الشرطة الإسرائيلية ومخابراتها لالتقاط صور تلحق لك العار طيلة حياتك وبصمة في تاريخك؟ أم من حيث العقلية التي اتصفت بها والحجج الواهية في تسهيل تدنيسهم لبيت المقدس بحجة حمايتك؟ أين شعورك في تلك اللحظات العابرة؟
لا أعلم من حاول اقناعك في المبادرة لزيارة المسجد الأقصى المبارك في هذه اللحظات، والذي ألحقت الأذى به دون أن تعلم او تشعر به، فنحن من نعلم ونشعر ونسمع أنينه وهو ينبض صارخا لما حصل، فأهل مكة أدرى بشعابها، وكأن بيت المقدس ينقصه علماء ودعاة يتغنى بهم، ففلسطين هي مهد الرسالات ومنبع العلماء، وما تحتاجه يقتصر على الجانب المادي والمعنوي في العتاد والتجهيز بجيوش المسلمين فاتحين والدعاء له، وليس زائرين بتأشيرة احتلال أذاق أهل فلسطين عامة وأهل غزة خاصة أطياف العذاب بضرائب هذه التأشيرة التي دخلت بها ومن سيدخلها غيرك بصواريخ تدك أبناءنا، لكن وبالله عليك هل فكرت ما سيترتب على هذه الزيارة؟
وبعد أن انتهت زيارتك لبيت المقدس أهنئك أولا على حصولك على سهم في ذبح أبنائنا وقصفهم بالطائرات وبالأسلحة الفاتكة جراء مساهمتك بالمال الذي استخدمته ودفعته في رحلتك، لكن هل تغير شيء لحال القدس؟ أم أصبحت كابن بطوطة في شد الرحال لأصقاع العالم؟ زيارة هدفها الترويح عن النفس وتقريب جهات نظر الآخرين، علنا نخرج بنظرية تطبيعية جديدة تصفع قضيتنا من جديد، فهذا ليس رأيي في التعبير وإنما حال جميع أهل فلسطين في ترجمة زيارتك التي نسأل الله أن تكون اليتيمة، لأنني أستبعد أن تجيش الجيوش وتلهب مشاعر المسلمين في شتى أنحاء العالم للالتفات لبيت المقدس لأن ذلك يعتبر نكران للجميل الذي أهدته إليك إسرائيل.
هل فكرت بالسؤال كيف سيكون شعور الفلسطينيين بهذه الزيارة؟ لو فكرت جيدا ووضعت أمام عينيك همهم وأحزانهم لامتنعت عن فعلتك، فأهل فلسطين ممنوعون من زيارة القدس وأهلها، يسجنون جراء فعلتهم ويعذبون وتسلب كرامتهم وتهان في سبيل تحقيق غاية كفلتها لنا الشرائع السماوية والأنظمة الوضعية في توفير الحماية لأرضنا وتطهيرها ما أمكن، لكن في المقابل يطل علينا الجفري كالفاتح يحمل مفاتيح أبوابه بصحبة من أذاقونا الويلات، هل تختلف عنا حتى يسمح لك بالزيارة ونحن محرومون منها؟ أم أن شيخنا يحق له ما لا يحق لغيره؟ أم للحديث عن مآثر الإسرائيليين وكرم ضيافتهم أمام العالم اجمع بدأ من دخولك المعابر الإسرائيلية والحواجز دون أن يبتل لك نعل أو يتغبر، وانتهاء ببطولاتك وأنت تتبختر أمامهم وتشعر أنك إنسان عظيم من خلال الحماية التي وفرت لك.
شيخي! فوالله الذي لا إله إلا هو ما دفعني لكتابة هذه الكلمات هو تجربتي في زياراتي لبيت المقدس بدأ بالإعتقال تارة والضرب المبرح تارة، وإفلات الكلاب تنهش أجسادنا تارة، ناهيك عن الإذلال الذي يصاحب كل هذه المحاولات التي نفتخر بها عندما نحل ضيفا لبيت المقدس وزيارتك التي شابها الراحة والضيافة وكأنك بشر تختلف عنا شكلا ومظهرا وقدرا حتى تكون كذلك، لكن في المقابل ما هو شعور أهل غزة عندما شاهدوك بين ظهراني من تسبب في حصارهم وتجويعهم وتقتيل أبنائهم وتفتيت أسرهم؟
هل تعلم أن ما سيترتب على زيارتك هو أن الأقصى مفتوح للجميع ولا تهويد بحقه وهو مكان مقدس يستطيع كل العالم بمختلف أديانهم وألوانهم زيارته في محاولة يائسة في لفت أنظار العالم عن ما يحاك بحقه من انتهاك صارخ في حفر الأنفاق والشروع بهدمه لبناء هيكلهم المزعوم في طمس المعالم الإسلامية، بل والأخطر من ذلك أنك تعترف بحق اليهود في ملكية بيت المقدس خاصة وحقهم في أرض الإسراء عامة، متناسيا أم متجاهلا أمير المؤمنين عمر الفاروق عندما أوقفها لكل المسلمين، علك تكون من سيصحح خطأ ابن الخطاب عمر!!!!!
أعتذر منك إن كنت قد فكرت بالتطاول عليك للاستعلاء والظهور، لكن إلى متى نبقى نقول ما في القلب يبقى في القلب أسير الوجدان يتصارع في أفئدتنا دون التعبير عنه لتصحيح مسار تاه في طريقه عله يستغيث بنا منجدا، وفي المقابل أيضا لا بد من الاعتراف بالذنب أمام شعبنا وطلب السماح منه عما فعلت، فلعل دمعات الثكالى والأرامل واليتامى تشفع لك وتحاجج عنك وتسامحك، فلن نقبل أي عذر يترجم سبب الزيارة، لأن هذه الأعذار لا تنطلي علينا أبدا.
وختاما أقول: لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا
محمد حبية ــ فلسطين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]