سبل الوقاية من الشيطان
+2
HappyyaH
هبةامل
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
سبل الوقاية من الشيطان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمما لا شك فيه أن الشيطان هو أعدى أعداء الإنسان، وهذه العداوة ليست جديدة إنما هي عداوة قديمة جدًا منذ اليوم الذي أمره الله -تعالى- بالسجود لآدم؛ فأبى.
ولقد حذر الله عباده من هذا العدو اللعين في مواضع كثيرة من كتابه -سبحانه-، ومنذ اليوم الأول لإهباط آدم -عليه السلام- إلى الأرض بيَّن الله -تعالى- هذا الأمر، فقال: (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (البقرة:36).
ونفس المعنى ورد في سورة الأعراف أيضًا، كما أمر الله -تعالى- بأكل الحلال الطيب، ونهى عن اتباع خطوات الشيطان، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة:168).
وقال مبينًا عداوة الشيطان للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة:208).
وقال -سبحانه وتعالى-: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يّـس:60)، وقال: (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (الزخرف:62).
ومما ينبغي أن يُعلم أن هذا العدو لا قدرة للعبد على دفع شره إلا بالاستعانة بالله -عز وجل-؛ فليس هو كبني آدم -عليه السلام- ممن يمكن اتقاء عداوتهم بشيء من المداراة والإحسان أو التغافل أو غيرها من الوسائل، فهو عدو غير مرئي لا تصلح معه المداراة ولا الإحسان، فلابد إذن من الاستعانة بالله؛ لرد كيده والنجاة من مصايده ووساوسه؛ ولهذا يقول الله -عز وجل-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف:200)، ويقول -سبحانه-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (فصلت:36).
فلا نجاة للعبد من مكائد الشيطان إلا بالله -تعالى-، وقد شرع الله -تعالى- لنا من الأسباب ما نتقي به شر هذا العدو اللعين، ومن هذه الأسباب:
أولا: الاستعاذة بالله: فهي من أقوى الأسباب لدفع شره كما مر من قوله -تعالى-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (فصلت:36).
وقد استب رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعض الصحابة جلوس عنده، وأحدهما يسب صاحبه، مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (متفق عليه).
ثانيًا: قراءة آية الكرسي: وقد دل على ذلك الكثير من الأدلة، فقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ. قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟) قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ) فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ؛ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ؛ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ) فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا. قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ؛ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: (مَا هِيَ؟) قُلْتُ: قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ. تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟) قَالَ: لا. قَالَ: (ذَاكَ شَيْطَانٌ) (رواه البخاري).
ثالثا: قراءة المعوذات: فقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ" (رواه النسائي وابن ماجه، وصححه الألباني).
رابعًا: المحافظة على الأذكار: فمما لا شك فيه أن ذكر الله -عز وجل- من أعظم أسباب الوقاية من الشياطين، كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس".
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "قال بعض السلف: إذا تمكن الذكر من القلب فإن دنا منه الشيطان صرعه كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان، فيجتمع عليه الشياطين فيقولون: ما لهذا؟ فيقال: قد مسَّه الإنسي"!
خامسًا: قراءة سورة البقرة: وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا: (لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ) (رواه مسلم).
وفي سورة البقرة الآيتان الأخيرتان اللتان قال عنهما النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) (رواه البخاري ومسلم).
سادسًا: تعويذ الصبيان، وجمعهم قبل الغروب: فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوذ الحسن والحسين -رضي الله عنهما- بهذا الذكر: (أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ ثُمَّ يَقُولُ: كَانَ أَبُوكُمْ يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) (رواه البخاري وأبو داود، واللفظ له).
سابعًا: الإخلاص والتوكل على الله: من أعظم أسباب حفظ الله للعبد من الشياطين توكل العباد على ربهم، وإخلاصهم له -سبحانه وتعالى-.
أما التوكل عليه -عز وجل-: فإنه يعني صدق اعتماد القلب على الرب في جلب المنافع ودفع المضار، وقد قال الله -تبارك وتعالى- مبينًا أثر التوكل في الحفظ من الشيطان: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (النحل:99).
وأما الإخلاص لله -تعالى-: فإنه يعني أن يقصد العبد بعمله وجه الله -تعالى- وثوابه والدار الآخرة، ولا يرجو بعمله رياء، ولا أن يسمع الناس به ولا أن يتحدثوا عنه وعن فضائله، وهو بهذا المعنى مفتاح كل خير، وبالإضافة إلى هذا؛ فإنه من أعظم أسباب النجاة من مكائد الشيطان، كما قال الله -تعالى- مخبرًا عن قول إبليس -لعنه الله-: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (ص:82-83).
نسأل الله الكريم بمنه أن يوفقنا وإياكم والمسلمين لكل خير، وأن يجنبنا كل مكروه وسوء وفتنة، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه
منقول
فمما لا شك فيه أن الشيطان هو أعدى أعداء الإنسان، وهذه العداوة ليست جديدة إنما هي عداوة قديمة جدًا منذ اليوم الذي أمره الله -تعالى- بالسجود لآدم؛ فأبى.
ولقد حذر الله عباده من هذا العدو اللعين في مواضع كثيرة من كتابه -سبحانه-، ومنذ اليوم الأول لإهباط آدم -عليه السلام- إلى الأرض بيَّن الله -تعالى- هذا الأمر، فقال: (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (البقرة:36).
ونفس المعنى ورد في سورة الأعراف أيضًا، كما أمر الله -تعالى- بأكل الحلال الطيب، ونهى عن اتباع خطوات الشيطان، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة:168).
وقال مبينًا عداوة الشيطان للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة:208).
وقال -سبحانه وتعالى-: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (يّـس:60)، وقال: (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (الزخرف:62).
ومما ينبغي أن يُعلم أن هذا العدو لا قدرة للعبد على دفع شره إلا بالاستعانة بالله -عز وجل-؛ فليس هو كبني آدم -عليه السلام- ممن يمكن اتقاء عداوتهم بشيء من المداراة والإحسان أو التغافل أو غيرها من الوسائل، فهو عدو غير مرئي لا تصلح معه المداراة ولا الإحسان، فلابد إذن من الاستعانة بالله؛ لرد كيده والنجاة من مصايده ووساوسه؛ ولهذا يقول الله -عز وجل-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الأعراف:200)، ويقول -سبحانه-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (فصلت:36).
فلا نجاة للعبد من مكائد الشيطان إلا بالله -تعالى-، وقد شرع الله -تعالى- لنا من الأسباب ما نتقي به شر هذا العدو اللعين، ومن هذه الأسباب:
أولا: الاستعاذة بالله: فهي من أقوى الأسباب لدفع شره كما مر من قوله -تعالى-: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (فصلت:36).
وقد استب رجلان عند النبي -صلى الله عليه وسلم- وبعض الصحابة جلوس عنده، وأحدهما يسب صاحبه، مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) (متفق عليه).
ثانيًا: قراءة آية الكرسي: وقد دل على ذلك الكثير من الأدلة، فقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ. قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟) قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ) فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ؛ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ؛ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ) فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ فَجَاءَ يَحْثُو مِنْ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا. قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ؛ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ. قَالَ: (مَا هِيَ؟) قُلْتُ: قَالَ لِي إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنْ اللَّهِ حَافِظٌ وَلا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ. تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟) قَالَ: لا. قَالَ: (ذَاكَ شَيْطَانٌ) (رواه البخاري).
ثالثا: قراءة المعوذات: فقد روى النسائي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ" (رواه النسائي وابن ماجه، وصححه الألباني).
رابعًا: المحافظة على الأذكار: فمما لا شك فيه أن ذكر الله -عز وجل- من أعظم أسباب الوقاية من الشياطين، كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، وإذا ذكر الله خنس".
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "قال بعض السلف: إذا تمكن الذكر من القلب فإن دنا منه الشيطان صرعه كما يصرع الإنسان إذا دنا منه الشيطان، فيجتمع عليه الشياطين فيقولون: ما لهذا؟ فيقال: قد مسَّه الإنسي"!
خامسًا: قراءة سورة البقرة: وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا: (لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ) (رواه مسلم).
وفي سورة البقرة الآيتان الأخيرتان اللتان قال عنهما النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) (رواه البخاري ومسلم).
سادسًا: تعويذ الصبيان، وجمعهم قبل الغروب: فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوذ الحسن والحسين -رضي الله عنهما- بهذا الذكر: (أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ ثُمَّ يَقُولُ: كَانَ أَبُوكُمْ يُعَوِّذُ بِهِمَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) (رواه البخاري وأبو داود، واللفظ له).
سابعًا: الإخلاص والتوكل على الله: من أعظم أسباب حفظ الله للعبد من الشياطين توكل العباد على ربهم، وإخلاصهم له -سبحانه وتعالى-.
أما التوكل عليه -عز وجل-: فإنه يعني صدق اعتماد القلب على الرب في جلب المنافع ودفع المضار، وقد قال الله -تبارك وتعالى- مبينًا أثر التوكل في الحفظ من الشيطان: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (النحل:99).
وأما الإخلاص لله -تعالى-: فإنه يعني أن يقصد العبد بعمله وجه الله -تعالى- وثوابه والدار الآخرة، ولا يرجو بعمله رياء، ولا أن يسمع الناس به ولا أن يتحدثوا عنه وعن فضائله، وهو بهذا المعنى مفتاح كل خير، وبالإضافة إلى هذا؛ فإنه من أعظم أسباب النجاة من مكائد الشيطان، كما قال الله -تعالى- مخبرًا عن قول إبليس -لعنه الله-: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (ص:82-83).
نسأل الله الكريم بمنه أن يوفقنا وإياكم والمسلمين لكل خير، وأن يجنبنا كل مكروه وسوء وفتنة، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه
منقول
هبةامل- الإشـراف
- العضوية السابقة : هبةالله
الأوسمة : عدد المساهمات : 710
التميز : 17
الدولة : في قلوب احبتي - فلسطين -
العمل/الترفيه : معلمة
الهواية : سماع وكتابة القصص والشعر
رد: سبل الوقاية من الشيطان
بارك الله فيكي هبةالله على موضوعك القيم
أشكرك جزيل الشكر
وأتمنى من كل أعضاء المنتدى قراءة هذا الموضوع
إلى الأمام
أشكرك جزيل الشكر
وأتمنى من كل أعضاء المنتدى قراءة هذا الموضوع
إلى الأمام
رد: سبل الوقاية من الشيطان
يااااااريت الجميع يقرأ ويستفيد حتى لو ماعلق ورد عموضوعي
المهم عندي يقرأوا ويستفيدو والله الموفق
المهم عندي يقرأوا ويستفيدو والله الموفق
هبةامل- الإشـراف
- العضوية السابقة : هبةالله
الأوسمة : عدد المساهمات : 710
التميز : 17
الدولة : في قلوب احبتي - فلسطين -
العمل/الترفيه : معلمة
الهواية : سماع وكتابة القصص والشعر
رد: سبل الوقاية من الشيطان
مشكور أختي أم الحارث على الموضوع المميز
saad hamdan- الأعضاء
- حالة العضو : مشرف ملتقى البطاقات الدينية والدعوية سابقا ... مشرف ملتقى الإعجاز العلمي سابقا ... مشرف ملتقى الصور والتصاميم الفنية سابقا
الأوسمة :
عدد المساهمات : 1390
التميز : 8
الدولة : الأردن
رد: سبل الوقاية من الشيطان
بارك الله فيكي اختي (هبة الله) على هذالموضوع وربنا يوفقك
بس يا اخي سعد مش انا الي كاتب هالموضوع !! شكلك خربطت
بس يا اخي سعد مش انا الي كاتب هالموضوع !! شكلك خربطت
ام البراء- الإشــراف
- العضوية السابقة : ام الحارث
حالة العضو : مشرفة الملتقى الإسلامي سابقا
الأوسمة : عدد المساهمات : 1205
التميز : 43
الدولة : غريبة بالدنيا!!
العمل/الترفيه : ابحث عن رضى الله مااستطعت
الهواية : .....!!
رد: سبل الوقاية من الشيطان
الله سبحانه وتعالى يوضح لنا عدم الإقتراب من خطوات الشيطان ، فهي ليست خطوة واحدة تكون بصددها انحراف العبد لينجر وراء مكيدة الشيطان ، ولكنها خطوات ، ويبدأ الشيطان بأسهلها وأيسرها
فلسطين- الأعضاء
- عدد المساهمات : 856
التميز : 73
الدولة : فلسطين
رد: سبل الوقاية من الشيطان
بارك الله فيكم فردا فردا لمن قرأ موضوعي هذا
مشكووووووووووووووووووووووووورين
مشكووووووووووووووووووووووووورين
هبةامل- الإشـراف
- العضوية السابقة : هبةالله
الأوسمة : عدد المساهمات : 710
التميز : 17
الدولة : في قلوب احبتي - فلسطين -
العمل/الترفيه : معلمة
الهواية : سماع وكتابة القصص والشعر
رد: سبل الوقاية من الشيطان
حقا أختي
فللشيطان سبل وليس سبيل واحد
ربما عجز الشيطان في احدى سبله لكنه يجد لنفسه طرقا وأبوابا أخرى
فهو لن ييأس من ذلك
فللشيطان سبل وليس سبيل واحد
ربما عجز الشيطان في احدى سبله لكنه يجد لنفسه طرقا وأبوابا أخرى
فهو لن ييأس من ذلك
الرأي السديد- الأعضاء
- حالة العضو : مشرف الملتقى الديني والدعوي سابقا
عدد المساهمات : 544
التميز : 54
الدولة : فلسطين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى